فصل: من فوائد ابن تيمية في الآية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.المسألة الْعَاشِرَةُ: فِي قَوْله تَعَالَى: {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ}:

قَالَ الطَّبَرِيُّ: فِي قَوْله تَعَالَى: {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} دَلِيلٌ عَلَى عُمُومِ الْوُجُوبِ مِمَّنْ وَقَعَ، يُرِيدُ أَنَّ مَنْ ذَكَرَ الدِّيَةَ وَجَبَ قَبُولُهَا عَلَى الْآخَرِ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ جَانٍ، ثُمَّ رَأَى أَنَّ هَذَا لَا يَسْتَمِرُّ فَعَقَّبَهُ بَعْدَهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ إنْ عَرَضَهَا الْجَانِي اُسْتُحِبَّ قَبُولُهَا، وَإِنْ عَرَضَهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيُّهُ وَجَبَ عَلَى الْجَانِي قَبُولُهَا، وَلَمَّا رَجَعَ إلَيْهِ اسْتَغْنَيْنَا عَنْ الِاعْتِنَاءِ بِهِ، وَفِي الْآيَةِ فُصُولٌ وَأَقْوَالٌ لَمْ نَتَفَرَّغْ لَهَا.

.المسألة الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ}:

الْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ عَفَا عَمَّا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِمَنْ أَسْلَمَ الْآنَ، وَقَدْ بَيَّنَ لَهُ وَحُدَّتْ الْحُدُودُ، فَإِنْ تَجَاوَزَهَا بَعْدَ بَيَانِهَا فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ، بِالْقَتْلِ فِي الدُّنْيَا وَبِالْعَذَابِ فِي الْآخِرَةِ. اهـ.

.من فوائد ابن تيمية في الآية:

قال رحمه الله:
فِي قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} الْآيَةَ وَفِيهَا قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقِصَاصَ هُوَ الْقَوَدُ وَهُوَ أَخْذُ الدِّيَةِ بَدَلُ الْقَتْلِ كَمَا جَاءَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ فِي بَنِي إسْرَائِيلَ الْقِصَاصُ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ الدِّيَةُ فَجَعَلَ اللَّهُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ الدِّيَةَ فَقَالَ: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} وَالْعَفُوُّ هُوَ أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ فِي الْعَمْدِ {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} مِمَّا كَانَ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ وَالْمُرَادُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنْ يُقْتَلَ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى. قَالَ قتادة: إنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ فِيهِمْ بَغْيٌ وَكَانَ الْحَيُّ إذَا كَانَ فِيهِمْ عَدَدٌ وَعُدَّةٌ فَقَتَلَ عَبْدُهُمْ عَبْدَ قَوْمٍ آخَرِينَ قَالُوا: لَنْ يُقْتَلَ بِهِ إلَّا حُرٌّ تَعَزُّزًا عَلَى غَيْرِهِمْ وَإِنْ قَتَلَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُمْ امْرَأَةً مِنْ آخَرِينَ قَالُوا لَنْ يُقْتَلَ بِهَا إلَّا رَجُلًا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَيَحْتَجُّ بِهَا طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد عَلَى أَنَّ الْحُرَّ لَا يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ لِقَوْلِهِ: {وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} فَيَنْقُض ذَلِكَ عَلَيْهِ بِالْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ قَالَ: {وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} وَطَائِفَةٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ لَمْ يَذْكُرُوا إلَّا هَذَا الْقَوْلَ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْقِصَاصَ فِي الْقَتْلَى يَكُونُ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ الْمُقْتَتِلَتَيْن قِتَالَ عَصَبِيَّةٍ وَجَاهِلِيَّةٍ فَيُقْتَلُ مِنْ هَؤُلَاءِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ أَحْرَارٌ وَعَبِيدٌ وَنِسَاءٌ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْعَدْلِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ بِأَنْ يُقَاصَّ دِيَةُ حُرٍّ بِدِيَةِ حُرٍّ وَدِيَةُ امْرَأَةٍ بِدِيَةِ امْرَأَةٍ وَعَبْدٍ بِعَبْدِ فَإِنْ فَضَلَ لِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ شَيْءٌ بَعْدَ الْمُقَاصَّةِ فَلْتُتْبَعْ الْأُخْرَى بِمَعْرُوفِ وَلْتُؤَدِّ الْأُخْرَى إلَيْهَا بِإِحْسَانِ وَهَذَا قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطبري وَغَيْرُهُ وعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَإِنَّهُ إذَا جَعَلَ ظَاهِرَ الْآيَةِ لَزِمَتْهُ إشْكَالَاتٌ؛ لَكِنَّ الْمَعْنَى الثَّانِي هُوَ مَدْلُولُ الْآيَةِ وَمُقْتَضَاهُ وَلَا إشْكَالَ عَلَيْهِ؛ بِخِلَافِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يُسْتَفَادُ مِنْ دَلَالَةِ الْآيَةِ كَمَا سَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَمَا ذَكَرْنَاهُ يَظْهَرُ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا أَنَّهُ قَالَ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} و{الْقِصَاصُ} مَصْدَرُ قَاصَّهُ يُقَاصُّهُ مُقَاصَّةً وَقِصَاصًا وَمِنْهُ مُقَاصَّةُ الدَّيْنَيْنِ أَحَدُهُمَا بِالْآخِرِ وَالْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى إنَّمَا يَكُونُ إذَا كَانَ الْجَمِيعُ قَتْلَى كَمَا ذَكَرَ الشَّعْبِيُّ فَيُقَاصُّ هَؤُلَاءِ الْقَتْلَى بِهَؤُلَاءِ الْقَتْلَى أَمَّا إذَا قَتَلَ رَجُلٌ رَجُلًا فَالْمَقْتُولُ مَيِّتٌ فَهُنَا الْمَقْتُولُ لَا مُقَاصَّةَ فِيهِ وَلَكِنَّ الْقِصَاصَ أَنْ يُمَكَّنَ مِنْ قَتْلِ الْقَاتِلِ لَا غَيْرِهِ وَفِي اعْتِبَارِ الْمُكَافَآتِ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْفُقَهَاءِ قِيلَ: تُعْتَبَرُ الْمُكَافَآتُ فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِذِمِّيِّ وَلَا حُرٌّ بِعَبْدِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَقِيل لَا تُعْتَبَرُ الْمُكَافَآتُ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْمُكَافَآتُ لَا تُسَمَّى قِصَاصًا. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} وَإِنْ أُرِيدَ بِالْقِصَاصِ الْمُكَافَآتُ فَتِلْكَ لَمْ تُكْتَبْ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ اسْتِيفَاءُ الْقَوَدِ فَذَلِكَ مُبَاحٌ لِلْوَلِيِّ إنْ شَاءَ اقْتَصَّ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْتَصَّ فَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ الِاقْتِصَاصُ وَقَدْ أَوْرَدَ هَذَا السُّؤَالَ بَعْضُهُمْ وَقَالَ: هُوَ مَكْتُوبٌ عَلَى الْقَاتِلِ أَنْ يُمَكِّنَ مِنْ نَفْسِهِ فَيُقَالُ لَهُ: هُوَ تَعَالَى قَالَ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} وَلَيْسَ هَذَا خِطَابًا لِلْقَاتِلِ وَحْدَهُ بَلْ هُوَ خِطَابٌ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ بِدَلِيلِ قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} ثُمَّ لَا يُقَالُ لِلْقَاتِلِ: كُتِبَ عَلَيْك الْقِصَاصُ فِي الْمَقْتُولِ فَإِنَّ الْمَقْتُولَ لَا قِصَاصَ فِيهِ. وأَيْضًا فَنَفْسُ انْقِيَادِ الْقَاتِلِ لِلْوَلِيِّ لَيْسَ هُوَ قِصَاصًا؛ بَلْ الْوَلِيُّ لَهُ أَنْ يَقْتَصَّ وَلَهُ أَنْ لَا يَقْتَصَّ وَإِنَّمَا سُمِّيَ هَذَا قَوْدًا لِأَنَّ الْوَلِيَّ يَقُودُهُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ تَسْلِيمِ السِّلْعَةِ إلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ}.
فَكَيْفَ يُقَالُ مِثْلُ هَذَا قَصَدَهُ الْقَاتِلُ؛ بَلْ هَذَا خِطَابٌ لِلْأُمَّةِ بِالْمُقَاصَّةِ وَالْمُعَادَلَةِ فِي الْقَتْلِ. وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا قَالَ: كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ لَمَّا كَسَرَتْ الربيع سِنَّ جَارِيَةٍ وَامْتَنَعُوا مِنْ أَخْذِ الْأَرْشِ فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ: لَا وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الربيع فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ فَرَضِيَ الْقَوْمُ بِالْأَرْشِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ» كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} يَعْنِي كِتَابُ اللَّهِ أَنْ يُؤْخَذَ الْعُضْوُ بِنَظِيرِهِ فَهَذَا قِصَاصٌ لِأَنَّهُ مُسَاوَاةٌ وَلِهَذَا كَانَتْ الْمُكَافَآتُ فِي الْأَعْضَاءِ وَالْجُرُوحِ مُعْتَبَرَةً بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ قِيلَ الْقِصَاصُ هُوَ أَنْ يُقْتَلَ قَاتِلُهُ لَا غَيْرُهُ فَهُوَ خِلَافُ الِاعْتِدَاءِ قِيلَ: نَعَمْ وَهَذَا قِصَاصٌ فِي الْأَحْيَاءِ لَا فِي الْقَتْلَى.
الثَّانِي أَنَّهُ قَالَ: {فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} وَمَعْلُومٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ الْعَبْدَ يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ وَبِالْحُرِّ وَالْأُنْثَى تُقْتَلُ بِالْأُنْثَى وَبِالذَّكَرِ وَالْحَرُّ يُقْتَلُ بِالْحُرِّ وَبِالْأُنْثَى أَيْضًا عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ أَنْ تُؤَدَّى تَمَامُ دِيَتِهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى مُقَاصَّةِ الْحُرِّ بِالْحُرِّ وَمُعَادَلَتِهِ بِهِ وَمُقَابَلَتِهِ بِهِ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ إذَا كَانُوا مَقْتُولِينَ فَيُقَابِلُ كُلَّ وَاحِدٍ بِالْآخَرِ وَيَنْظُرُ أَيَتَعَادَلَانِ أَمْ يُفَضَّلُ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَضْلٌ أَمَّا فِي الْقَتْلَى فَلَا يَخْتَصُّ هَذَا بِهَذَا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ.
الثَّالِثُ أَنَّهُ قَالَ: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} لَفْظُ عُفِيَ.
هُنَا قَدْ اُسْتُعْمِلَ مُتَعَدِّيًا؛ فَإِنَّهُ قَالَ: {عُفِيَ} شَيْءٌ وَلَمْ يَقُلْ: عَفَا شَيْئًا وَهَذَا إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْفِعْلِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} وَأَمَّا الْعَفْوُ عَنْ الْقَتْلِ فَذَاكَ يُقَالُ فِيهِ عَفَوْت عَنْ الْقَاتِلِ فَوَلِيُّ الْمَقْتُولِ بَيْنَ خِيرَتَيْنِ: بَيْنَ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ الْقَتْلِ وَيَأْخُذَ الدِّيَةَ فَلَمْ يُعْفَ لَهُ شَيْءٌ؛ بَلْ هُوَ عَفَا عَنْ الْقَتْلِ وَإِذَا عَفَا فَإِمَّا أَنْ يَسْتَحِقَّ الدِّيَةَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِ رِضَا الْقَاتِلِ عَلَى قَوْلَيْنِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: {مِنْ أَخِيهِ} أَيْ مِنْ دَمِ أَخِيهِ أَيْ تَرَكَ لَهُ الْقَتْلَ وَرَضِيَ بِالدِّيَةِ؛ وَالْمُرَادُ الْقَاتِلُ يَعْنِي أَنَّ الْقَاتِلَ عُفِيَ لَهُ مِنْ دَمِ أَخِيهِ الْمَقْتُولِ أَيْ تَرَكَ لَهُ الْقَتْلَ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ أَنَّ الْوَلِيَّ عَفَا لِلْقَاتِلِ مِنْ دَمِ الْمَقْتُولِ شَيْئًا وَهَذَا كَلَامٌ لَا يُعْرَفُ لَا يُقَالُ: عَفَوْت لَك شَيْئًا وَلَا يُقَالُ: عَفَوْت مِنْ دَمِ الْقَاتِلِ وَإِنَّمَا الَّذِي يُقَالُ: إنَّهُ عَفَا عَنْ الْقَاتِلِ فَأَيْنَ هَذَا مِنْ هَذَا؟. وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَالْمُتَقَاصَّانِ إذَا تَعَادَّا الْقَتْلَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ أَيْ فَضَلَ لَهُ مِنْ مُقَاصَّةِ أَخِيهِ مُقَاصَّةٌ أُخْرَى أَيْ هَذَا الَّذِي فَضَلَ لَهُ فَضْلٌ كَمَا يُقَالُ: أَبَقِيَ لَهُ مِنْ جِهَةِ أَخِيهِ بَقِيَّةٌ {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} فَهَذَا الْمُسْتَحِقّ لِلْفَضْلِ يَتَّبِعُ الْمُقَاصَّ الْآخَرَ بِالْمَعْرُوفِ وَذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى هَذَا بِإِحْسَانِ {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} أَيْ مِنْ أَنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ تُؤَدِّي قَتْلَى الْأُخْرَى فَإِنَّ فِي هَذَا تَثْقِيلًا عَظِيمًا لَهُ {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} فَإِنَّهُمْ إذَا تَعَادُّوا الْقَتْلَى وَتَقَاصُّوا وَتَعَادَلُوا لَمْ يَبْقَ وَاحِدَةٌ تَطْلُبُ الْأُخْرَى بِشَيْءِ فَحَيِيَ هَؤُلَاءِ وَحَيِيَ هَؤُلَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَقَاصُّوا فَإِنَّهُمْ يَتَقَاتَلُونَ وَتَقُومُ بَيْنَهُمْ الْفِتَنُ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا خَلَائِقُ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي فِتَنِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ إنَّمَا تَقَعُ الْفِتَنُ لِعَدَمِ الْمُعَادَلَةِ وَالتَّنَاصُفِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ وَإِلَّا فَمَعَ التَّعَادُلِ وَالتَّنَاصُفِ الَّذِي يَرْضَى بِهِ أُولُو الْأَلْبَابِ لَا تَبْقَى فِتْنَةٌ. وَقَوْلُهُ: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ} فَطَلَب مِنْ الطَّائِفَةِ الْأُخْرَى مَالًا أَوْ قَوْمًا أَوْ آذَاهُمْ بِسَبَبِ مَا بَيْنَهُمْ مِنْ الدَّمِ {فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وَهَذَا كَقَوْلِهِ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} {إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} والْأُخُوَّةُ هُنَا كَالْأُخُوَّةِ هُنَاكَ وَهَذَا فِي قَتْلَى الْفِتَنِ. وَأَمَّا إذَا قَتَلَ رَجُلٌ رَجُلًا مِنْ غَيْرِ فِتْنَةٍ فَهُمْ كَانُوا يَعْرِفُونَ أَنَّ الْقَاتِلَ يُقْتَلُ لَكِنْ كَانَتْ الطَّائِفَةُ الْقَوِيَّةُ تَطْلُبُ أَنْ تَقْتُلَ غَيْرَ الْقَاتِلِ أَوْ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ الْقَاتِلِ أَوْ اثْنَيْنِ بِوَاحِدِ وَإِذَا كَانَ الْقَاتِلُ مِنْهَا لَمْ تَقْتُلْ بِهِ مَنْ هُوَ دُونَهُ كَمَا قِيلَ: إنَّهُ كَانَ بَيْنَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ لَكِنَّ هَذَا لَمْ تَثُرْ بِهِ الْفِتَنُ بَلْ فِيهِ ظُلْمُ الطَّائِفَةِ الْقَوِيَّةِ لِلضَّعِيفَةِ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْأُمَمِ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْقَاتِلَ الظَّالِمَ الْمُتَعَدِّي مُطْلَقًا لَا يُقْتَلُ فَهَذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ بَنِي آدَمَ؛ بَلْ كُلُّ بَنِي آدَمَ مُطْبِقُونَ عَلَى أَنَّ الْقَاتِلَ فِي الْجُمْلَةِ يُقْتَلُ لَكِنَّ الظَّلَمَةَ الْأَقْوِيَاءَ يُفَرِّقُونَ بَيْن قَتِيلٍ وَقَتِيلٍ. وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّ قَوْلَهُ: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} مَعْنَاهُ أَنَّ الْقَاتِلَ إذَا عَرَفَ أَنَّهُ يُقْتَلُ كَفَّ فَكَانَ فِي ذَلِكَ حَيَاةٌ لَهُ وَلِلْمَقْتُولِ يُقَالُ لَهُ: هَذَا مَعْنًى صَحِيحٌ؛ وَلَكِنَّ هَذَا مِمَّا يَعْرِفُهُ جَمِيعُ النَّاسِ وَهُوَ مَغْرُوزٌ فِي جِبِلَّتِهِمْ وَلَيْسَ فِي الْآدَمِيِّينَ مَنْ يُبِيحُ قَتْلَ أَحَدٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقْتَلَ قَاتِلُهُ؛ بَلْ كُلُّهُمْ مَعَ التَّسَاوِي يُجَوِّزُونَ قَتْلَ الْقَاتِلِ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنَّ النَّاسَ إذَا كَانَ كُلُّ مَنْ قَدَرَ عَلَى غَيْرِهِ قَتَلَهُ وَهُوَ لَا يُقْتَلُ يَرْضَى بِمَالِ وَإِذَا كَانَ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ أَوَائِلِ مَا يَعْرِفُهُ الْآدَمِيُّونَ وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ لَا يَعِيشُونَ بِدُونِهِ صَارَ هَذَا مِثْلُ حَاجَتِهِمْ إلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالسُّكْنَى فَالْقُرْآنُ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُهُ التَّعْرِيفَ بِهَذِهِ الْأُمُورِ الْبَدِيهِيَّةِ؛ بَلْ هَذَا مِمَّا يَدْخُلُ فِي مَعْنَاهُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَتَبَ عَلَيْهِمْ الْقِصَاصَ فِي الْمَقْتُولِينَ أَنَّهُ يَسْقُطُ حُرٌّ بِحُرِّ وَعَبْدٌ بِعَبْدِ وَأُنْثَى بِأُنْثَى فَجَعَلَ دِيَةَ هَذَا كَدِيَةِ هَذَا وَدَمَ هَذَا كَدَمِ هَذَا مُتَضَمِّنٌ لِمُسَاوَاتِهِمْ فِي الدِّمَاءِ وَالدِّيَاتِ وَكَانَ بِهَذِهِ الْمُقَاصَّةِ لَهُمْ حَيَاةٌ مِنْ الْفِتَنِ الَّتِي تُوجِبُ هَلَاكَهُمْ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ وَهَذَا الْمَعْنَى مِمَّا يُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَعُلِمَ أَنَّ دَمَ الْحُرِّ وَدِيَتَهُ كَدَمِ الْحُرِّ وَدِيَتِهِ فَيُقْتَلُ بِهِ وَإِذَا عَلِمَ أَنَّ التَّقَاصَّ يَقَعُ لِلتَّسَاوِي فِي الدِّيَاتِ عَلِمَ أَنَّ لِلْمَقْتُولِ دِيَةً.
وَلَفْظُ الْقِصَاصِ يَدُلُّ عَلَى الْمُعَادَلَةِ وَالْمُسَاوَاةِ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ الْعَدْلَ وَالْإِنْصَافَ فِي أَمْرِ الْقَتْلَى فَمَنْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ فَهُوَ ظَالِمٌ وَالْمَقْتُولُ وَأَوْلِيَاؤُهُ إذَا امْتَنَعُوا مِنْ إنْصَافِ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ فَهُمْ ظَالِمُونَ هَؤُلَاءِ خَارِجُونَ عَمَّا أَوْجَبَهُ اللَّهُ مِنْ الْعَدْلِ وَهَؤُلَاءِ خَارِجُونَ عَمَّا أَوْجَبَهُ اللَّهُ مِنْ الْعَدْلِ. وَقَدْ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ هَذَا الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} وَإِذَا دَلَّتْ عَلَى الْعَدْلِ فِي الْقَوَدِ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ وَالتَّنْبِيهِ ذَهَبَ الْإِشْكَالُ وَلَمْ يَقُلْ: فَلِمَ لَا قَالَ: وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْحُرِّ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ الْمَقْصُودُ أَنَّهُ يُقَاصُّ بِهِ فِي الْقَتْلَى وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إنَّمَا يُقَاصُّ الْحُرِّ بِالْحُرِّ لَا بِالْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةُ بِالْمَرْأَةِ لَا بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ. فَظَهَرَتْ فَائِدَةُ التَّخْصِيصِ بِهِ وَالْمُقَابَلَةِ فِي الْآيَةِ. وَدَلَّتْ الْآيَةُ حِينَئِذٍ عَلَى أَنَّ الْحُرَّ يُقْتَلُ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدَ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى؛ إذَا كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الدَّمِ وَبَدَلُهُ هُوَ الدِّيَة وَلَمْ يَنْتَفِ أَنْ يُقْتَلَ عَبْدٌ بِحُرِّ وَأُنْثَى بِذَكَرِ وَلَا لَهَا مَفْهُومٌ يَنْفِي ذَلِكَ؛ بَلْ كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ بِطَرِيقِ التَّنْبِيهِ وَالْفَحْوَى وَالْأَوْلَى كَذَلِكَ تَدُلُّ عَلَى هَذَا أَيْضًا؛ فَإِنَّهُ إذَا قُتِلَ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ فَقَتْلُهُ بِالْحُرِّ أَوْلَى وَإِذَا قُتِلَتْ الْمَرْأَةُ بِالْمَرْأَةِ فَقَتْلُهَا بِالرَّجُلِ أَوْلَى.
وَأَمَّا قَتْلُ الْحُرِّ بِالْعَبْدِ وَالذَّكَرِ بِالْأُنْثَى فَالْآيَةُ لَمْ تَتَعَرَّضْ لَهُ لَا بِنَفْيِ وَلَا إثْبَاتٍ وَلَا لَهَا مَفْهُومٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ لَا مَفْهُومَ مُوَافَقَةٍ وَلَا مُخَالَفَةٍ؛ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْمُقَاصَّةِ يُقَاسُ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى لِتَسَاوِي الدِّيَاتِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى قَتْلِ النَّظِيرِ بِالنَّظِيرِ وَالْأَدْنَى بِالْأَعْلَى. يَبْقَى قَتْلُ الْأَعْلَى الْكَثِيرِ الدِّيَةِ بِالْأَدْنَى الْقَلِيلِ الدِّيَةِ لَيْسَ فِي الْآيَةِ تَعَرُّضٌ لَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا ابْتِدَاءَ الْقَوَدِ وَإِنَّمَا قَصَدَ الْمُقَاصَّةَ فِي الْقَتْلَى لِتَسَاوِي دِيَاتِهِمْ.
فَإِنْ قِيلَ: دِيَةُ الْحُرِّ كَدِيَةِ الْحُرِّ وَدِيَةُ الْأُنْثَى كَدِيَةِ الْأُنْثَى وَيَبْقَى الْعَبِيدُ قِيمَتُهُمْ مُتَفَاضِلَةٌ؟.
قِيلَ: عَبِيدُهُمْ كَانُوا مُتَقَارِبِينَ الْقِيمَةَ وَقَوْلُهُ: {وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} قَدْ يُرَادُ بِهِ بِالْعَبْدِ الْمُمَاثِلِ بِهِ كَمَا يُقَالُ: ثَوْبٌ بِثَوْبِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَغْلَى قِيمَةٍ فَذَاكَ مِمَّا عُفِيَ لَهُ وَقَدْ يُعْفَى إذَا لَمْ تُعْرَفْ قِيمَتُهُمْ وَهُوَ الْغَالِبُ فَإِنَّ الْمَقْتُولِينَ فِي الْفِتَنِ عَبِيدُهُمْ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ مَعَهُمْ وَهُمْ يَكُونُونَ تَرْبِيَتُهُمْ عِنْدَهُمْ لَمْ يَشْتَرُوهُمْ فَهَذَا يَكُونُ مَعَ الْعِلْمِ بِتَسَاوِي الْقِيمَةِ وَمَعَ الْجَهْلِ بِتَفَاضُلِهَا؛ فَإِنَّ الْمَجْهُولَ كَالْمَعْدُومِ وَلَوْ أَتْلَفَ كُلٌّ مِنْ الرَّجُلَيْنِ ثَوْبَ الْآخَرِ وَلَا يَعْلَمُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا قِيمَةَ وَاحِدٍ مِنْ الثَّوْبَيْنِ قِيلَ ثَوْبٌ بِثَوْبِ وَهَذَا لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مُحْتَمَلَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُ هَذَا أَغْلَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُ هَذَا أَغْلَى وَلَيْسَ تَرْجِيحَ أَحَدِهِمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزِّيَادَةِ فَلَا تَشْتَغِلُ الذِّمَّةُ بِأَمْرِ مَشْكُوكٍ فِيهِ لَوْ كَانَ الشَّكُّ فِي أَحَدِهِمَا فَكَيْفَ إذَا كَانَ مِنْ الطَّرَفَيْنِ؟. فَظَهَرَ حِكْمَةُ قَوْلِهِ: {وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} وَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ الْقُرْآنَ دَلَّ عَلَى مَا يَحْتَاجُ الْخَلْقُ إلَى مَعْرِفَتِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ وَيُحْقَنُ بِهِ دِمَاؤُهُمْ وَيَحْيَوْنَ بِهِ وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْآخَرُونَ مِنْ الْعَدْلِ فِي الْقَوَدِ. وَدَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَى يُؤْخَذُ لَهُمْ دِيَاتٌ فَدَلَّ عَلَى ثُبُوتِ الدِّيَةِ عَلَى الْقَاتِلِ وَأَنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ بِاخْتِلَافِ الْمَقْتُولِينَ وَهَذَا مِمَّا مَنَّ اللَّه بِهِ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ أَثْبَتَ الْقِصَاصَ وَالدِّيَةَ. وَأَمَّا كَوْنِ الْعَفْوِ هُوَ قَبُولُ الدِّيَةِ فِي الْعَمْدِ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا الْعَافِي بِمُجَرَّدِ عَفْوِهِ فَالْآيَةُ لَمْ تَتَعَرَّضْ لِهَذَا. وَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ الطَّوَائِفَ الْمُمْتَنِعَةَ تُضَمِّنُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا أَتْلَفَتْهُ الْأُخْرَى مِنْ دَمٍ وَمَالٍ بِطَرِيقِ الظُّلْمِ لِقَوْلِهِ: {مِنْ أَخِيهِ} بِخِلَافِ مَا أَتْلَفَهُ الْمُسْلِمُونَ لِلْكُفَّارِ وَالْكُفَّارُ لِلْمُسْلِمِينَ.
وَأَمَّا الْقِتَالُ بِتَأْوِيلِ كَقِتَالِ أَهْلِ الْجَمَلِ وصفين فَلَا ضَمَانَ فِيهِ أَيْضًا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى عِنْدَ الْجُمْهُورِ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ الْكُفَّارُ الْمُتَأَوِّلُونَ لَا يَضْمَنُونَ فَالْمُسْلِمُونَ الْمُتَأَوِّلُونَ أَوْلَى أَنْ لَا يَضْمَنُوا. وَدَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ هَذَا الضَّمَانَ عَلَى مَجْمُوعِ الطَّائِفَةِ يَسْتَوِي فِيهِ الرِّدْءُ وَالْمُبَاشِرُ لَا يُقَالُ: اُنْظُرُوا مَنْ قَتَلَ صَاحِبَكُمْ هَذَا فَطَالِبُوهُ بِدِيَتِهِ بَلْ يُقَالُ: دِيَتُهُ عَلَيْكُمْ كُلِّكُمْ فَإِنَّكُمْ جَمِيعًا قَتَلْتُمُوهُ؛ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ إنَّمَا تَمَكَّنَ بِمُعَاوَنَةِ الرَّدْءِ لَهُ وَعَلَى هَذَا دَلَّ قَوْلُهُ: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا} فَإِنَّ أُولَئِكَ الْكُفَّارَ كَانَ عَلَيْهِمْ مِثْلُ صَدَاقِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الَّتِي ذَهَبَتْ إلَيْهِمْ فَإِذَا لَمْ يُؤَدُّوهُ أُخِذَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ الَّتِي يَقْدِرُ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهَا مِثْلُ امْرَأَةٍ جَاءَتْ مِنْهُمْ يَسْتَحِقُّونَ صَدَاقَهَا فَيُعْطِي الْمُسْلِمُ زَوْجَ تِلْكَ الْمُرْتَدَّةِ صَدَاقَهَا مِنْ صَدَاقِ هَذِهِ الْمُسْلِمَةِ الْمُهَاجِرَةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهُ الْكُفَّارُ لِكَوْنِهَا أَسْلَمَتْ وَهَاجَرَتْ وَفَوَّتَتْ زَوْجَهَا بُضْعَهَا كَمَا فَوَّتَتْ الْمُرْتَدَّةُ بُضْعَهَا لِزَوْجِهَا وَإِنْ كَانَ زَوْجُ الْمُهَاجِرَةِ لَيْسَ هُوَ الَّذِي تَزَوَّجَ بِالْمُرْتَدَّةِ لِأَنَّ الطَّائِفَةَ لَمَّا كَانَتْ مُمْتَنِعَةً يَمْنَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا صَارَتْ كَالشَّخْصِ الْوَاحِدِ. وَلِهَذَا لَمَّا قَتَلَ خَالِدٌ مَنْ قَتَلَ مِنْ بَنِي جذيمة وَدَاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ؛ لِأَنَّ خَالِدًا نَائِبُهُ وَهُوَ لَا يُمْكِنُهُمْ مِنْ مُطَالَبَتِهِ وَحَبْسِهِ لِأَنَّهُ مُتَأَوِّلٌ وَكَذَلِكَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ وَعَاقِلَتُهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ لِأَنَّهُ قَتَلَ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الْجِهَادِ لَا لِعَدَاوَةِ تَخُصُّهُ وَقَدْ تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ فِي خَطَأِ وَلِيِّ الْأَمْرِ هَلْ هُوَ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ عَلَى ذِمَّتِهِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ.
وَلِهَذَا كَانَ مَا غَنِمَتْهُ السَّرِيَّةُ يُشَارِكُهَا فِيهِ الْجَيْشُ وَمَا غَنِمَهُ الْجَيْشُ شَارَكَتْهُ فِيهِ السَّرِيَّةُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَغْنَمُ بَعْضُهُمْ بِظَهْرِ بَعْضِ فَإِذَا اشْتَرَكُوا فِي الْمَغْرَمِ اشْتَرَكُوا فِي الْمَغْنَمِ وَكَذَلِكَ فِي الْعُقُوبَةِ يُقْتَلُ الرِّدْءُ وَالْمُبَاشِرُ مِنْ الْمُحَارِبِينَ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْفُقَهَاءِ كَمَا قَتَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَبِيئَةَ الْمُحَارِبِينَ وَهُوَ قَوْل مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَة وَأَحْمَد وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي الْقَتْلِ قَوَدًا وَفِي السُّرَّاقِ أَيْضًا. وَبَيَانُ دَلَالَةِ الْآيَةِ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمَقْتُولِينَ إذَا حُبِسَ حُرٌّ بِحُرِّ وَعَبْدٌ بِعَبْدِ وَأُنْثَى بِأُنْثَى فَالْحُرُّ مِنْ هَؤُلَاءِ لَيْسَ قَاتِلُهُ هُوَ وَلِيُّ الْحُرِّ مِنْ هَؤُلَاءِ؛ بَلْ قَدْ يَكُونُ غَيْرُهُ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ مِنْ هَؤُلَاءِ لَيْسَ قَاتِلُهُ هُوَ سَيِّدُ الْعَبْدِ مِنْ هَؤُلَاءِ؛ بَلْ قَدْ يَكُونُ غَيْرُهُ؛ لَكِنْ لَمَّا كَانُوا مُجْتَمِعِينَ مُتَنَاصِرِينَ عَلَى قِتَالِ أُولَئِكَ وَمُحَارَبَتِهِمْ كَانَ مَنْ قَتَلَهُ بَعْضُهُمْ فَكُلُّهُمْ قَتَلَهُ وَكُلُّهُمْ يَضْمَنُونَهُ؛ وَلِهَذَا مَا فَضَلَ لِأَحَدِ الطَّائِفَتَيْنِ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِ الْأُخْرَى. فَإِنْ قِيلَ: إذَا كَانَ مُسْتَقِرًّا فِي فِطْرِ بَنِي آدَمَ أَنَّ الْقَاتِلَ الظَّالِمَ لِنَظِيرِهِ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُقْتَلُ وَلَيْسَ فِي الْآدَمِيِّينَ مَنْ يَقُولُ إنَّهُ لَا يُقْتَلُ فَمَا الْفَائِدَةُ فِي قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا}- أَيْ فِي التَّوْرَاةِ- {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} الْآيَةَ. إذَا كَانَ مِثْلُ هَذَا الشَّرْعِ يَعْرِفُهُ الْعُقَلَاءُ كُلُّهُمْ؟.
قِيلَ لَهُمْ: فَائِدَتُهُ بَيَانُ تَسَاوِي دِمَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ وَأَنَّ دِمَاءَهُمْ مُتَكَافِئَةٌ لَيْسَ لِشَرِيفِهِمْ مَزِيَّةٌ عَلَى ضَعِيفِهِمْ وَهَذِهِ الْفَائِدَةُ الْجَلِيلَةُ الَّتِي جَاءَتْ بِهَا شَرَائِعُ الْأَنْبِيَاءِ فَأَمَّا الطَّوَائِفُ الْخَارِجُونَ عَنْ شَرَائِعِ الْأَنْبِيَاءِ فَلَا يَحْكُمُونَ بِذَلِكَ مُطْلَقًا؛ بَلْ قَدْ لَا يَقْتُلُونَ الشَّرِيفَ وَإِذَا كَانَ الْمَلِكُ عَادِلًا فَقَدْ يَفْعَلُ بَعْضَ ذَلِكَ فَهَذَا الَّذِي كَتَبَهُ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ مِنْ تَكَافُؤِ دِمَائِهِمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ فَحَكَمَ أَيْضًا فِي الْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ جَمِيعِ الْأَجْنَاسِ بِتَكَافُؤِ دِمَائِهِمْ فَالْمُسْلِمُ الْحُرُّ يُقْتَلُ بِالْمُسْلِمِ الْحُرِّ مِنْ جَمِيعِ الْأَجْنَاسِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.
وَبِهَذَا ظَهَرَ الْجَوَابُ عَنْ احْتِجَاجِ مَنْ احْتَجَّ بِآيَةِ التَّوْرَاةِ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ يُقْتَلَ بِالذِّمِّيِّ لِقَوْلِهِ: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} وشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا فَإِنَّهُ يُقَالُ: الَّذِي كُتِبَ عَلَيْهِمْ أَنَّ النَّفْسَ مِنْهُمْ بِالنَّفْسِ مِنْهُمْ وَهُمْ كُلُّهُمْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ كَافِرٌ وَلَمْ يَكُنْ فِي شَرِيعَتِهِمْ إبْقَاءُ كَافِرٍ بَيْنَهُمْ لَا بِجِزْيَةِ وَلَا غَيْرِهَا وَهَذَا مِثْلُ شَرْعِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَلَيْسَ فِي الشَّرِيعَتَيْنِ أَنَّ دَمَ الْكَافِرِ يُكَافِئُ دَمَ الْمُسْلِمِ؛ بَلْ جَعْلُ الْإِيمَانِ هُوَ الْوَاجِبُ لِلْمُكَافَآتِ دَلِيلٌ عَلَى انْتِفَاءِ ذَلِكَ فِي الْكَافِرِ- سَوَاءٌ كَانَ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا- لِانْتِفَاءِ الْإِيمَانِ الْوَاجِبِ لِلْمُكَافَأَةِ فِيهِ؛ نَعَمْ يُحْتَجُّ بِعُمُومِهِ عَلَى الْعَبْدِ. وَلَيْسَ فِي الْعَبْدِ نُصُوصٌ صَرِيحَةٌ صَحِيحَةٌ كَمَا فِي الذِّمِّيِّ؛ بَلْ مَا رُوِيَ {مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ بِهِ} وَهَذَا لِأَنَّهُ إذَا قَتَلَهُ ظَالِمًا كَانَ الْإِمَامُ وَلِيَّ دَمِهِ؛ لِأَنَّ الْقَاتِلَ كَمَا لَا يَرِثُ الْمَقْتُولَ إذَا كَانَ حُرًّا فَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ وَلِيَّ دَمِهِ إذَا كَانَ عَبْدًا؛ بَلْ هَذَا أَوْلَى كَيْفَ يَكُونُ وَلِيُّ دَمِهِ وَهُوَ الْقَاتِلُ؟ بَلْ لَا يَكُونُ وَلِيَّ دَمِهِ؛ بَلْ وَرَثَةُ الْقَاتِلِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُمْ وَرَثَتُهُ وَهُوَ بِالْحَيَاةِ وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ وِلَايَةٌ حَتَّى تَنْتَقِلَ إلَيْهِمْ فَيَكُونُ وَلَيَّهُ الْإِمَام. وَحِينَئِذٍ فَلِلْإِمَامِ قَتْلُهُ فَكُلُّ مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُ.
وأَيْضًا فَقَدْ ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ وَالْآثَارِ أَنَّهُ إذَا مَثَّلَ بِعَبْدِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا وَقَتْلُهُ أَشَدُّ أَنْوَاعِ الْمَثْلِ فَلَا يَمُوتُ إلَّا حُرًّا؛ لَكِنَّ حُرِّيَّتَهُ لَمْ تَثْبُتْ فِي حَالِ الْحَيَاةِ حَتَّى يَرِثَهُ عَصَبَتُهُ؛ بَلْ حُرِّيَّتُهُ ثَبَتَتْ حُكْمًا وَهُوَ إذَا كَانَ عَتَقَ كَانَ وَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ فَيَكُونُ الْإِمَامُ هُوَ وَلِيُّهُ فَلَهُ قَتْلُ قَاتِلٍ عَبْدِهِ. وَقَدْ يَحْتَجُّ بِهَذَا مَنْ يَقُولُ: إنَّ قَاتِلَ عَبْدَ غَيْرِهِ لِسَيِّدِهِ قَتْلُهُ وَإِذَا دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى هَذَا كَانَ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الرَّاجِحُ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ لَيْسَ مَعَهُ نَصٌّ صَرِيحٌ وَلَا قِيَاسٌ صَحِيحٌ وَقَدْ قَالَ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد وَغَيْرُهُمْ: مَنْ قُتِلَ وَلَا وَلِيَّ لَهُ كَانَ الْإِمَامُ وَلِيَّ دَمِهِ فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَ وَلَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَلَى الدِّيَةِ؛ لَا مَجَّانًا. يُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ مَنْ قَالَ: لَا يَقْتُلُ حُرٌّ بِعَبْدِ يَقُولُ: إنَّهُ لَا يُقْتَلُ الذِّمِّيُّ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ} فَالْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ خَيْرٌ مِنْ الذِّمِّيِّ الْمُشْرِكِ فَكَيْفَ لَا يُقْتَلُ بِهِ وَالْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ مِثْلُ الْحَرَائِرِ الْمُؤْمِنَاتِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاهِيرِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَهَذَا قَوِيٌّ عَلَى قَوْلِ أَحْمَد؛ فَإِنَّهُ يَجُوزُ شَهَادَةُ الْعَبْدِ كَالْحُرِّ؛ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ فَلِمَاذَا لَا يَقْتُلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ وَكُلُّهُمْ مُؤْمِنُونَ وَقَدْ {قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ}. اهـ.